FeaturedNewsبيانات التجمع

كلمة الدكتور يحيى غدار، بمناسبة حلول العاشر من محرم وواقعة كربلاء وما يجري في غزة.

كلمة الدكتور يحيى غدار، امين عام التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة، بمناسبة حلول العاشر من محرم وواقعة كربلاء وما يجري في غزة.

من كربلاء إلى غزّة… لم يتغيّر الزمن، بل تبدّلت الأسماء

يا أمّة الإسلام،
يا من خُدعتم بالأمس، وتُذبحون اليوم، وتُباعون غداً في سوق الصمت والخذلان!
ليست المرّة الأولى التي تُستدرج فيها أيديكم للتوقيع على وعود السلام، بينما السكاكين مخبّأة تحت الطاولة.

لقد علّمنا التاريخ أن العهود تُنكث حين يُستبدل الحق بالمصلحة، وأن الرسائل التي تُكتب في الليل، كثيراً ما تُحرق عند شروق الحقيقة.
كم من قائد دعوتموه، ثم خذلتموه؟
وكم من راية رفعتموها، ثم نكستم أعمدتها خوفاً من “الفتنة”؟
وكم من دماءٍ سالت لأن الشعوب اختارت الصمت، وظنّت أن السلام يُشترى بالخنوع؟

ما الذي تغيّر؟
أنحن أمام مشهد جديد؟
كلا. لقد تغيّرت الأسماء فقط:
من عواصم القهر القديمة إلى عواصم القرار الحديث،
من سيوف الغدر إلى مؤتمرات التسوية،
ومن كربلاء إلى غزة… والمجزرة مستمرّة.

يا أمّة العرب،
يا من كسرتم سيوفكم ولبستم عباءة الخوف،
يا من فضّلتم الطمأنينة الوهمية على نُصرة المظلوم،
منذ أن طُعن الحقّ في المحراب، وقلتم: نخشى الفوضى!
ومنذ أن سال دم الأبرياء، وقلتم: نبحث عن الاستقرار!
ومنذ أن سقطت رايات الكرامة، وقلتم: لا طاقة لنا بالمواجهة!
هكذا تُقتل الأمة مرةً بعد مرة، لا بسيوف الأعداء، بل بصمت الأبناء.

أليست فلسطين اليوم صورةً مكرّرة لحكاياتنا القديمة؟
وعود بالسلام، مؤتمرات، اتفاقيات، تطبيع…
ثم ماذا؟
حصار، مجازر، مستوطنات، وخيانات تتلوها خيانات.
وما زالت بعض القيادات تلهث خلف سراب العدالة من أيدي من لا يعرفون إلا لغة القهر.

وفي لبنان، يتخفّى الضعف في عباءة الحكمة،
يتحدثون عن السيادة، لكنهم يرضخون لأعداء السيادة،
يخشون الحرب، لكنهم لا يكرهون الخضوع،
فباعوا الوطن قطعةً بعد قطعة، وكلّما تفجّرت خيانة، قالوا: “الاستقرار أولاً”.

أما إيران، فقد وقّعت، وصبرت، وانتظرت الوفاء.
عام 2015 عُقد الاتفاق،
عام 2018 مُزّق الاتفاق،
ورغم ذلك، أعادوا المحاولة.
لكن الوعد لا قيمة له عند من يرى في الوفاء ضعفاً.
يعدونكم بالأمن، ثم يغتالون العلماء، ويُحكمون الحصار، ويطلقون أذرعهم في الخراب.

لكن… ليس الجميع ركع.
الحمد لله أنّ في هذا الزمن من قرأوا التاريخ، ولم يكرّروه.
الحمد لله أنّ في غزة، وفي لبنان، وفي اليمن، وفي العراق، وفي إيران، رجالاً قالوا:
لا صلح مع القاتل،
لا مهادنة مع من نقض كل عهد،
ولا طاعة لمن يستبدل الأمن بالذلّ.

لكننا نُذَكّر هؤلاء أيضاً:
من يحمل البندقية، إن رضي بالصلح مع أهل الغدر، فقد يلقى مصير من سبقوه…
فكل من سلّم أمره للعدوّ، ينتظر يوماً يشرب فيه من كأس الخيانة نفسها.

يا أمّة الإسلام،
كربلاء لم تكن أرضاً فقط، بل كانت ميزان ولاء، واختبار وفاء.
الذين صمتوا حين ذُبح الأبرار،
هم نفسهم الذين يصمتون اليوم على أشلاء الأطفال في غزة، ودموع الأمهات في جنين، والدم المراق في صنعاء.
التاريخ لا يرحم من خان، ولا يغفر لمن باع.
والأمة التي تسلّم سيفها طمعاً في الأمان،
لن تنال إلا الذبح… باسم السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى