Featuredالتحليل اليومي

انتخابات تونس: دروسٌ ثمينةٌ وحقبةٌ جديدة!

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

ما زالت تونس تبهر في حراكها الشعبي ودرجة نضجه وما تخطّه من سياقاتٍ تقلّدها الشعوب والدول العربية، وبكلّ حال، فشرارتها التي أطلقتها نهاية 2010 ما زالت واسمةً لكلّ ما جرى ويجري وما سيكون في العرب والاقليم وأبعد…

أول حراك شارعيّ شعبيّ تحت عنوان “الشعب يريد” وقد أراد وحقق إنجازا نوعيا بإقصاء بن علي وفريقه، ثم قررت تجربتها أنّ الجيش صاحب موقف وعامل محوري في الحياة السياسية، فانحاز باكرا للشعب دون أن يسعى إلى الحكم، وهذه خاصية تونسية لا تعمم… ثمّ أتت الصناديق بأكثر القوى شعبية وحضورا في الاعلام والشارع مدعومة من قوة هائلة مالية وإعلامية وأجهزة عالمية، فتسلم الاخوان المسلمون – بشخص النهضة – السلطة بأكثرية كبيرة، وعملوا من يومهم على أخونة الدولة وقبضوا على قلبها وصدروا الفائض فيها من الارهابيين المتوحشين الى سوريا وحيث قررت الجماعة العالمية للإخوان بالتوافق مع أمريكا، ثم شاركوا بفاعلية في تأمين شروط غزو ليبيا لتمكين الارهاب والاخوان منها بالتحالف مع الأطلسي، وشكلت ظاهرتهم في تونس حافزا نوعيا لهيمنة الاخوان المسلمين على مصر ما جعلهم يفترضون أنهم قبضوا على الامة العربية والاسلام وباتوا الخلافة التي سعوا إليها ففوّضوا أردوغان خليفتهم وقطر قائدتهم والقرضاوي شيخهم مع مؤسسته لرجال الدين…

بيد أنّ تونس نفسها وشعبها المميز بدرجة التعقل والوعي والاختلاط والنشاط لم تركن لهم، ولا هي سلمت قيادتها، ولم تبايع الاخوان وحركتهم، بل عرّتهم ونهضت الشوارع مرة بعد مرة ضدّهم تكشف حقيقتهم وفسادهم وتبعيّتهم لصندوق النقد وانخراطهم في مخطط تدمير العربية والاقليم لتأمين هيمنة “إسرائيل” وأمريكا المتداعية، ومرة اخرى نهض الشارع ورفض التطبيع وسعى الى فرض أجندته بتحريم التطبيع والعلاقة مع “إسرائيل”، ولأنّ النهضة لم تستجب للشارع وحاجاته وتصرفت كإخوانية على عادات الاخوان في الوصول الى السلطة بالانتخابات ثم تحاول انتزاع البيعات وتعمل على أجندتها هي لا على حاجات الناس ولا على وعودها الانتخابية، وبسبب استعجال القدر فخطف روح السبسي ليستعجل إخراج تونس من بوتقة الاخوان وهيمنتهم ولم يعطهم الوقت الكافي لتنظيم امورهم وقدراتهم للقبض مرة اخرى على تونس…

فاجأت تونس وصناديقها الجميع كما فعلت حادثة البوعزيزي وأوقدت النار مرة ثانية بحقلٍ اشتدّ يباسه، فأنتجت ما أذهل أهل السياسية والمتشبثين بالسلطة و لو قهرا، فقد صعد الى الجولة الثانية شخصيتان من خارج النص السياسي للطبقة السياسية الحاكمة أو المعارضة،  فقيس سعيّد الاكثر ترجيحا أن يصبح رئيسا منتخبا، جاء من العتمة ومن النخبة الدستورية المثقفة والمشهود لها ولم يأت من الحياة السياسية وزواريبها وألاعيبها، ونبيل القروي هو ايضا من نتاج الحراك الشعبي ومن الشارع غير المصنّف سياسيا او عقائديا وقد صعد على درج الاعلام بصفته مالكا لقناة نسمة التي تميزت بالاتزان والوسطية والتقرب من الشارع، وكلا المرشحين حاز على نسبة عالية من الأصوات وتقاسما الكتل الشعبية التونسية الى حد كبير بصفتهما الاكثر تمثيلا، وكلاهما صعد على شعارات التخلص من الطبقة السياسية وفسادها ومحاصصاتها واطلاق دور للشعب بعمومه وبكافة طبقاته وفئاته، وعاد شعار “الشعب يريد” على لسان المرشح الاكثر حظا قيس سعيد الآتي إلى السياسة من عالم القانون والخبرة الدستورية.

دروس تونس وانتخاباتها كثيرة جدا، أهمّ ما فيها أنّ الشارع يعود حاكما والرأي العام مقررا، وقد طلّق الاخوان وأحالهم الى التاريخ وصفحات المحاسبة، وكل الدلائل أنّه ملّ وقرف وانتفض عن الطبقة السياسية وفسادها ومحاصصاتها وأوصل من أراده الشعب الى سدّة الرئاسة، وللدروس تتمة سنحاول تسجيل أكثرها أهمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى