Featuredالتحليل اليومي

أمريكا تهزم في أفغانستان أيضاً

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة

تشكّل أفغانستان والحرب الجارية فيها ومعها وعليها منذ سبعينات القرن المنصرم، امتداداً جغرافياً وثقافيا، وجيواستراتيجيا للعرب واقليمهم، وقد اصبحت واحدا من مسارح الحروب واكثرها همجيةً وصخباً لتأمين منصّات بقاء العرب والمسلمين في حالات التخلّف والتبعية والتجزئة البغيضة بقصد تأمين هيمنة الغرب الامبريالي والاستعماري.

وكمثل ما كانت اليمن تاريخيا من منصّة جيواستراتيجية نوعية في تقرير اتجاهات مستقبل الامبراطوريات وتمكّنها، كذلك مثّلت ايران الضلع الأهم في المثلث الذهبي لصناعة مستقبل الانسانية وضبط تحوّلات القوى الاقليمية والعالمية بتدميرها أو تصعيدها ودوما قاعدة المثلث “العرب بمشرقهم وعربيتهم القديمة الممتدة من جبال طوروس وزاغاروس إلى بحر اليمن والاحمر فساحل غزة” فهي الجغرافيا التي نشأت فيها الامبراطوريات التاريخية والاديان وسقطت فيها بما في ذلك آخر امبراطوريات القرن السابق التي انهارت عندما خسرت زوايا المثلث “الاتحاد السوفياتي” وكانت أفغانستان وحربها طلقة الرحمة..

على ذات المسار تبدو معطيات القرن الحادي والعشرين، فأمريكا هزمت في بيروت وعجزت وتهزم مع “اسرائيل” في غزة، وتهزم في اليمن وفي العراق، وستحاول في ايران، لكن هزيمتها مؤكدة وقاطعة تبعا لمسارات الاحداث وطبائع أمور القوة وما أنتجته الحرب العالمية العظمى التي قادها حلف المقاومة بجدارة واقتدار نادرين…

تحاول أمريكا ترامب وتتوحّد – برغم صراعاته التناحرية في واشنطن وبإزاء مكانة أمريكا وادوارها وعناصر قوتها المثلومة، تحاول استنزاف ايران في العراق، وتأمين منصة لإشغالها وإلحاق الهزيمة بها تمهيدا لتفجيرها من الداخل، وجهدها معلنٌ وواضحٌ وغير خافٍ على أحد، وتستدرج عروض التحالفات الاقليمية والدولية وتحاول إنشاء منصّة وارسو، إلا أن الزمن تغيّر وعناصر القوة تبدّلت ومسارح العمليات والحروب برمتها لم تعد طوع يد واشنطن إن توحدت أو تصارعت في داخلها…

فايران قوية وقادرة ومالكة لكل عناصر القوة والتوثب وصمدت لنصف قرن في وجه أعتى الحصارات والتآمر وعالجت أزماتها بحكمة وبموجب دستور خلّاق وتفاعلي للتيارات الايرانية…

ونجحت في لبنان وسورية واليمن والعراق وايضا نجحت في افغانستان، وتستخدمها مسرحا محوريا للحرب بالواسطة وبالاذرع مع واشنطن وتنهكها وتعطل أيّة قدرة لها على فرض أجنداتها أو البقاء في أفغانستان…

قرّر ترامب الانسحاب من سورية واعطى امره ببدء سحب القوات من افغانستان، وفوضت واشنطن ادواتها من قطر الى السعودية والحكومة الافغانية الموالية للتفاوض مع طلبان التي فاوضت ولم تسلّم او تنسجم او تلتحق، وصعّدت من هجماتها على مواقع الجيش الافغاني والقوات الامريكية وحلفائها، و تسجّل تقدّما ملموسا وبمعدلات متسارعة ولم تنفِ طالبان ولا ايران أنهما على خط تفاوض وتعاون قديم ومستمر وقاعدتهما عدو عدوي صديقي، وفي افغانستان ايضا تدير الصين وروسيا وباكستان الخارجة من عباءة الوهابية والمقتربة من الصين حرب استنزاف لأمريكا لدفعها الى الخروج بخفّي حنين ودون اية مكاسب، وهذا ما يفهمه ترامب ولوبي الامركة في واشنطن المتصادم مع لوبي العولمة والحروب…

كما في الاقليم تهزم كذلك ستخرج وستهزم في افغانستان ووسط اسيا، وبهذا يعاد تشكيل الاقليم جغرافيا ونظم واغلب الظن ان المنظومة التي نشأت بعد الحرب العالمية الاولى واستمرت لقرن باتت قاب قوسين من الاندثار…

الهزيمة لامريكا في كل مكان وفي كل المسارح ولم يعد لها ان تفرض أوامرها وإن هي ما زالت تحاول بالحروب وبالرهان على الكرد وازمات النظم بما في ذلك مجتمعات حلف المقاومة، وعنتريات نتنياهو لن تستمر اكثر من ستين يوما وبعدها الحساب سيكون عسيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى