Featuredالتحليل اليومي

هل تعقّل ترامب أم غيرته إيران؟

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

بتصريحٍ مفاجئٍ وفي خطابٍ عاقلٍ على غير العادة ومن طوكيو، غيّر ترامب من لهجته، وعربداته، وكشف عن جديده، بأن خاطب إيران بطريقة مختلفة عما كان خطابه قائلا: “أمامها (إيران) فرصة لكي تصبح دولة عظيمة بالقيادة نفسها، نحن لا نتطلع إلى تغيير النظام… أريد فقط أن أوضح ذلك، نحن نتطلع إلى عدم امتلاك أسلحة نووية”.

وعلى الضفة الأخرى، صرّح الرئيس روحاني والوزير ظريف بأنّ إيران جاهزة للتفاوض إن عادت أمريكا الى الاتفاق، وأوقفت تحرّشاتها وعدوانيّتها، واللافت أنّ التصريحات الايرانية جاءت بمثابة ردٍّ وتعليق، بينما قال القائد الخامنئي إن إيران لن تفاوض، والمفاوضات مجرد ملهاةٍ ووسيلة ضغط امريكية، وإن الحوار مع أمريكا حوار “طرشان”، هم سيطالبون ونحن سنرفض، وأكّد أنّ قدرات إيران وسياساتها هي الضمانة الوحيدة… وكانت الدبلوماسية الايرانية قد أطلقت مبادرة التفاوض مع العرب إشارةً إلى أنّها لن تفاوض ترامب بانتظار خليفته في البيت الأبيض، وعلى تصميمها للمساهمة بمعاقبته وإسقاطه في الانتخابات الرئاسية السنة القادمة…

في التصريحين مؤشرات إيجابية للتهدئة، وربما للبدء بالمفاوضات، إن لم تكن قد بدأت كما أشارت الكثير من التسريبات وقالت بأنّ أبواب التفاوض الايراني الامريكي لم تقفل أصلا.

تصريح ترامب جديد، وفيه دعوة جدّية للتفاوض، فقد أقرّ بتصريحه: بأنّ أمريكا لا تستهدف النظام، وليست معنيةً بإسقاط الدولة الاسلامية الايرانية، وقال: “إن إيران يمكن لها أن تكون عظيمة” طبعا أمرٌ لا يغري إيران فعظمتها من تصميمها وكفاحية شعبها وليست منّةً من ترامب أو سواه” ويُعلون الرغبة في التعاون مع القيادة الحالية ويقرّ بقدرة إيران وبأنّها عظيمة، ولم يضع ترامب إلّا شرطاً وحيداً وفرته إيران أصلاً منذ زمن طويل، بقوله: بأنّ أمريكا لا تسعى إلّا لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، فمسألة السلاح النووي ممنوعةٌ عند إيران ولا تسعى إليه بموجب فتوى من الامام القائد الخامنئي، ولأسباب أخلاقية وإنسانية ودينية عقائدية، فماذا زاد ترامب سوى أنّه يخاطب العقل الايراني ويطمئن قيادتها، ويدعوها للتفاوض…

ماذا يريد ترامب من التفاوض؟ ولماذا مزّق الاتفاق النووي؟ ولماذا استعرض عضلات خلّبية؟؟

الجواب الوحيد: هو يريد الشراكة مع إيران، شراكة في الاقليم بعد أن تحقّق من أنّ عملاء أمريكا استنفذوا قدراتهم وأموالهم ولم يعد لترامب بهم مصلحة أو هدف، بما في ذلك “إسرائيل” ونتنياهو العاجز عن تشكيل حكومة في “إسرائيل” المرتبكة والمرتهبة من الحرب مع إيران وجبهاتها.

وبالأصل هو لا يريد من أحدٍ إلّا الأموال، والمصالح الاقتصادية، وبهذا يمكن فهم ترامب، وتصعيده ثم خطابه العاقل، وتحديد هدفه على عدم امتلاك إيران الاسلحة النووية الأمر المحقق في الاتفاق وبدونه، مع ترامب وبدونه.

ترامب يريد تعديل الاتفاقات الاقتصادية مع إيران، وليس تغييرا الاتفاق النووي، ليوفر لأمريكا وشركاتها احتكار حاجات إيران، والتبادل معها وليس مع الاتحاد الاوروبي..

إيران لا يعنيها أن يكون الامر مع الاتحاد الاوروبي الشائخ والمأزوم والعاجز عن حماية الاتفاق معها، أو يصبح مع أمريكا و”ترامبها”.

ففي الواقع وفي أيّ اتفاق، فقد انتزعت إيران حقها ومشروعيتها واستقلالها وسيادتها ومكانتها الاقليمية وتسعى الى النهوض، وستتبادل مع الاتحاد الاوروبي أو مع الصين وروسيا أو مع أمريكا، فهي لم ترفض التعاون الاقتصادي والتكنولوجي مع أمريكا بينما أمريكا هي التي حجبت وحاصرت.

بين تصريحات ترامب الجديدة، وطبائع إيران وتوازناتها، وتوزيع الأدوار بين أركانها ومؤسساتها، ترتسم ملامح المستقبل وترجح احتمالات التفاوض وما على الخليجيين ومن راهن على ترامب إلّا إعادة الحسابات…

قد تكون غيّرت ترامب نفسه، ولم تعد بحاجة لانتظار تغيير في البيت الأبيض.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى