Featuredدراسات

ماذا وراء صواريخ الحرس الثوري ضد الكردستاني الإيراني؟

ملحم ريّا ــ طهران

باتت المحاولات الأميركية لاحداث فتنة بين الشعبين العراقي والايراني بيّنة كما تحدث عدد من المسؤولين العراقيين عن ضلوع السفارة الاميركية في العراق بأحداث إحراق القنصلية الإيرانية في البصرة. وقد رد البيت الابيض على هذه الاتهامات في بيان حذر فيه الحكومة الإيرانية من مغبة أي هجمات تُشنّ عبر ما اعتبره وكلائها في  العراق، وتؤدي لإصابة أميركيين، مؤكداً أن واشنطن “سترد بسرعة وحزم”.
التحذيرات والاتهامات تشير إلى أن التعارض بين السياستين الاميركية والإيرانية في العراق بلغ أشده، ما قد يفضي إلى مزيد من التعقيد على الساحة السياسية العراقية
التحذيرات والاتهامات تشير إلى أن التعارض بين السياستين الاميركية والإيرانية في العراق بلغ أشده، ما قد يفضي إلى مزيد من التعقيد على الساحة السياسية العراقية

لم يكن التاسع من أيلول/ سبتمبر تاريخاً عابراً فقد أعلن الحرس الثوري في بيان له عن إطلاقه سبعة صواريخ أرض-أرض على مقر تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض في شمال العراق، رداً على الانتهاكات التي قام بها عناصر الحزب في الداخل الإيراني. وأضاف البيان أن الهجوم الصاروخي أوقع عشرات القتلى والجرحى من قادة وعناصر الحزب. وقد شاركت في الهجوم الوحدة الصاروخية التابعة للحرس الثوري فضلا عن وحدة الطائرات المسيّرة كما أنه استخدم في هذا الهجوم صواريخ فاتح واحد من مسافة 220 كيلومتراً.

تعمد التلفزيون الرسمي بث مشاهد انطلاق الصواريخ ومشاهد إصابتها للهدف بدقة. وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هكذا أسلحة ضد المجموعات الانفصالية الكردية. هذا الاعلان يحمل معه رسائل عديدة حرص الحرس الثوري على توجيهها في أكثر من اتجاه.فاللمستهدف هم قادة وعناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الانفصالي الذي كثف من عملياته في الداخل الإيراني في العامين الماضيين، لا سيما في الشهرين الأخيرين حيث تبنّى أكثر من عملية في المناطق الحدودية كمنطقة أشنوية في محافظة اذربيجان الغربية وفي منطقة مريوان في محافظة كردستان في الشمال الغربي لإيران. وكذلك في محافظة كرمانشاه التي راح ضحيتها عدداً من عناصر الحرس الثوري وحرس الحدود الإيراني. لكن المقصود كان أبعد من الحزب الذي لا يشكل في المعادلة الإيرانية سوى أداة بيد أميركا كما قالها بصراحة رئيس هيئة الاركان في القوات المسلحة اللواء محمد باقري. هي أميركا التي تكمن خلف تحريك هذه المجموعات التي لا تنحصر بالحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني فقط بل تتعداه إلى مجموعات أخرى كحزب الحياة الحرة ( بيجاك ) المرتبط بحزب العمال الكردستاني، ومجموعة تطلق على نفسها نسور زاغروس نسبة الى جبال زاغروس الشاهقة والتي تمتد في المناطق الكردية الإيرانية وغالبا ما تكون ملاذا لعناصر هذه المجموعات.

وهي أميركا التي دفعت إيران إلى هذا الاستعراض لقوتها الصاروخية ولدقتها في إصابة الهدف في رسالة تحمل بين سطورها تحذيراً واضحا للقوات الاميركية من مغبة أي اعتداء على إيران على خلفية التهديدات الأخيرة لادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب عقب الانسحاب من الاتفاق النووي. كما هي تحذير من مغبة الاستمرار في تحريك هذه الجماعات لضرب الاستقرار والأمن الإيراني وتصدي واضح لهذه المحاولات الأميركية الرامية إلى زعزعة الأمن الإيراني. لا سيما في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها إيران بسبب الأزمة الاقتصادية منذ عدة أشهر. وهنا لا بد من الإشارة إلى ما قاله اللواء باقري تعليقا على الهجوم الصاروخي بأن “القوات المسلحة الإيرانية لن تقف مكتوفة الأيدي ازاء المؤامرات التي تحاك ضدها “. يبدو هذا الكلام مؤشراً إلى مرحلة جديدة ستعتمدها طهران في مواجهة هذه المؤامرات وقد لا تكون فقط على الصعيد العسكري بل على الصعيد السياسي أيضاً.

باتت المحاولات الاميركية لاحداث فتنة بين الشعبين العراقي والايراني بيّنة كما تحدث عدد من المسؤولين العراقيين عن ضلوع السفارة الاميركية في العراق بأحداث إحراق القنصلية الإيرانية في البصرة. وقد رد البيت الابيض على هذه الاتهامات في بيان حذر فيه الحكومة الإيرانية من مغبة أي هجمات تُشنّ عبر ما اعتبره وكلائها في  العراق، وتؤدي لإصابة أميركيين، مؤكداً أن واشنطن “سترد بسرعة وحزم”. وهذا البيان استدعى رداً فورياً من الخارجية الإيرانية حيث اعتبر بهرام قاسمي المتحدث باسمها أن البيان الاميركي متحيز وغير مسؤول، مشيراً إلى أن ” التدخلات الامريكية هي السبب الرئيس وراء عدم الاستقرار والتوتر في المنطقة والسياسات الأمريكية في العراق لم تؤد سوى إلى زعزعة الأمن في هذا البلد، والاضطرابات الأخيرة في العراق من ضمنها الهجوم على القنصلية الإيرانية في البصرة وحرقها، هي نتيجة هذه السياسات والدعم الامريكي للتنظيمات المتشددة “.

التحذيرات والاتهامات تشير إلى أن التعارض بين السياستين الاميركية والإيرانية في العراق بلغ أشده، ما قد يفضي إلى مزيد من التعقيد على الساحة السياسية العراقية وتعثر أكبر في التوصل إلى اتفاق على رئيس وزراء وعلى تأليف الحكومة. خاصة أن واشنطن تحاول منع تأليف حكومة تميل إلى إيران ،، وطهران كذلك لا تريد حكومة عراقية مرتبطة باميركا. وقد يكون التصدي لهذه المخططات الأميركية بنظر البعض جزءا رئيسياً من التصدي للمؤامرات الاميركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى