Featuredالتحليل اليومي

الجزائر في الطريق الصحيح…

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

قاربت الأزمة الجزائرية التي فجّرها ترشيح الرئيس بوتفليقة لولايةٍ خامسةٍ وضع أوزارها بإعلان الرئيس استقالته بعد أن سحب ترشيحه وقدّم خطّةً لسنةٍ من الحوار الوطنيّ الجزائريّ وعقدٍ اجتماعيٍّ جديدٍ لاحتواء الأزمة.

بإعلان الرئيس استقالته، فتح الباب عريضاً امام تحولاتٍ جوهريةٍ في السلطة وتوازناتها، وفي السعي لمعالجة الازمة بدون دماء وبلا حروب وتدمير، وبمنع التدخلات الخارجية وقطع الطريق أمام المصطادين في الازمات والهادفين الى تدمير الدول الوطنية واستنزاف جيوشها، فالجزائر تحتل مكانة وموقعا حاكما في افريقيا العربية وفي الجامعة ومؤسساتها كما لها تأثير جوهري على عموم افريقيا وتحولاتها وفي الشرق الاوسط ولا سيما في حال العرب، ويتعاظم تأثيرها في التحولات الجارية في موازين القوى العالمية، لا سيما في تعزيز الدور الروسي في العرب وفي العالم، والاكثر خطرا في الاتحاد الاوروبي ومستقبله، فالجزائر تعتبر المموّل البترولي والغازيّ الاول، ولقربها من اوروبا وعلاقاتها القوية يمثّل الثقل الروسيّ في بنيتها وخياراتها تأثيرا هاما يقارب ما مثّلته سوريا لروسيا في صعودها…

يُسَجَّلُ للشعب الجزائريّ وعيه ووطنيّته وسلميّة تحركاته المليونية والمتصاعدة على نحوٍ لافتٍ على خلاف الحراك الذي تحوّل في ليبيا واليمن وسوريا الى حروبٍ ضروسٍ استوجبت واستدرجت تدخلاتٍ خارجيةٍ بالجملة وتحوّلت الى حروبٍ واسعة النطاق ومتنوعة الاسلحة والاطراف…

ما تحقّق في الأزمة الجزائرية يمثّل نذيراً ومؤشراتٍ على حقبةٍ عربيةٍ جديدة، فزمن النظم الشائخة والقديمة قد انتهى، وزمن النهب والثراء والفساد والهدر قارب نهاياته، وتالياً فزمن الأُسَر والشلل التي تحكم وتتحكّم وتأكل الاخضر واليابس لم يعد له عناصر وقوى إسنادٍ أو بيئاتٌ حاضنة.

الحراك الشعبي المنظّم والعارف لما يريد والمتّحد في وجه التدخلات الخارجية وسرقة النضالات وتحويلها الى مكاسب للغير على حساب الاوطان ينحسر، بينما يتقدّم دور الجيوش الوطنية، وتقانتها في الامساك باللحظة السياسية والفرص وتحويلها الى بيئات تغييرٍ تلبّي بعض المطالب والحاجات الشعبية وتسعى لاحتواء الحراك بأقل الخسائر…

الجيش التونسي لعب دورا في الانتقال السلمي وأمّن حماية تونس من الفوضى والحروب، والجيش المصري أتقن الانتقال الهادئ والسلمي وحقّق انجازات نوعية وفي طرائق انتزاع الحكم وتغيير القديم ومنع الاخوان المسلمين من تسلّم الزمام بالاستناد الى حراك شعبي واسع ومنظم بإجراءات دستورية عبر القضاء ثم الصناديق والميادين…

في الدرس الجزائري أمورٌ هامة؛ فالموجة الثالثة من الحراك الشعبيّ العربيّ قد تحوّلت من الفوضى وعدم التنظيم الى الفعل المنظّم والعارف بتوازنات القوى والقادر على توفير بيئات وشروط التحولات وإحداث التغيير عبر الدولة وأدواتها ومن خلال النصوص الدستورية، وفي هذا سمةٌ على الاغلب ستكون واسمةً للحراك الآتي في المغرب وتونس ومشيخات النفط، وحيث لم تضرب الموجة الثورية بعد وستضرب بإحكام الضرورات.

مبروك للجزائر إنجازها ومبروك لأفريقيا وللعرب والمسلمين خطوات مدروسة وتحوّلات جارية بسلمية وتحت ضغوط الشارع وحراكه…

النضج يبدو سمةً للتطورات والانتفاضات الشعبية العربية والاسلامية الآتية والتحوّلات جارية بسرعة، فالحرب على الفساد والفاسدين وهادري المال العام والتعامل مع الخارج على حساب الاوطان لم تعد تقبل تأجيلا، وستضرب في النظم والطبقات والعائلات التي ما زالت على قديمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى