Featuredالتحليل اليومي

المناورات في بحر العرب والمحيط الهندي تحوّلٌ نوعيٌّ في ميزان القوى

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

جرت مناوراتٌ مشتركةٌ إيرانية – روسية – صينة، استعرضت فيها أنواع جديدة من الأسلحة والقطع البحرية، والأهمّ فيها أنّها أسّست لتعاونٍ عمليّ بطابع نوعيّ بين ثلاث دول هي قوى إقليمية وعالمية صاعدة باضطراد وتتسع دوائر فاعليتها في صياغة النظام العالمي والتوازنات الاقليمية.

وهي المرة الأولى والأهمّ لإجراء المناورات البحرية التي تتشارك فيها الدول الثلاث، ومن بين العناصر ذات الدلالة موقعها والبحار التي جرت فيها لجهة أنّها البحار الأكثر اكتظاظا بالقوافل البحرية التجارية والعسكرية وتمتد الدول المشاركة فيها على بحار وجغرافيا واسعة تكاد تكون قلب العالم الاقتصادي وحراكه، وطالما كانت تلك البحار والجغرافيا هدفا محوريا للهيمنة البحرية للإمبراطوريات الكبرى عبر التاريخ، فمن يسيطر عليها يتحكم بالتجارة العالمية ويؤمّن موارده وصادراته، وبالسيطرة على البحار والممرات يتم تقييد صعود الدول والإمبراطوريات الأخرى وتؤمّن البحرية المهيمنة إعاقة الأخريات ودوام سيطرتها.

فالبحار، وتحديداً العربي والمحيط الهندي تعتبر أهمّ بحار الاتصال والتواصل بين القارات، وتعني للصين في استراتيجيتها “للطريق والحزام” ممرا إجباريا والأكثر حيويّةً، كما تعني لروسيا تأمين مسارح المياه الدافئة لتأمين الأساطيل في الشتاء والجليد، وتؤكد لإيران احتلالها موقعا مؤسّسا في عالم جديد تنحسر فيها هيمنة بريطانيا على الممرات والناقلات، الهيمنة التي ورثتها أمريكا البنت المدللة للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وقد أمّنتها القوة البحرية لأربعة قرون.

الجدير ذكره أنّ المناورات جرت بعد مواجهات حربية ونارية وبكل وسائط الحروب بين إيران وأمريكا وحلفها، وقد انتزعت إيران نصراً مهما في حربي الناقلات والممرات، وكسرت هيمنة الغرب التاريخية، وأيضا من المهمّ الاشارة الى ان المناورات تنتزع أهمية لافتة بالإضافة الى زمانها في مكانها، فبوابتا التجارة العالمية البحرية تقعان في دائرة نيرانها وسيطرتها من باب المندب الى هرمز، ومكانة عدن وميناؤها التاريخي منصة ركنية في مستقبل الهيمنة البحرية، وليس أمرا عابرا أبدا أن تكون الصين القوة الاقتصادية التي قاربت ان تكون بديلا للهيمنة الامريكية قد أصبحت دولة بحرية مالكة لأحدث الاساطيل العسكرية العالمية وشريكا محوريا في السيادة على البحار، وإيران تكون أهم الكاسبين بصفتها المضيف والمنسق وقد استعرضت قوتها في حرب الناقلات والممرات وتدخل حقبة تأمين البحار والمحيطات… والشيء بالشيء يذكر، فالتطورات الجارية في بغداد والعدوان الامريكي على الحشد الشعبي وتطويق وحرق بوابات السفارة الامريكية حدث ليس منقطعا والتقاطع الزمني بين المناورات واحداث بغداد تشي بأنّ زمناً آخر يستحضر نفسه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى