Featuredمتفرقاتمقالات مختارة

نعم لأكل العِنَب ومُحاسبة الناطور


أمين أبوراشد

الحراك الشعبي اللبناني غير المسبوق، مطلوبٌ أكثر من أي وقتٍ مضى، للضغط على القوى السياسية والشدّ على اليد التي تحمل مطرقة القضاء، والإستفادة من نبض الشارع في إستعادة المال العام المنهوب والقضاء على الفساد، وغالبية مَن نزِلوا الى الساحات يريدون أكل العِنَب ومُحاسبة الناطور، بعيداً عن العبارة الفضفاضة: “كِلُّن يعني كِلُّن”، التي لا يُجنى منها سوى الفلتان، ممَّا يُسهِّل على من امتطوا الحراك تنفيذ أجندات إغراق لبنان في الفوضى المطلوبة أميركياً وإسرائيلياً، مع ثقتنا الكبيرة بوعي الشعب اللبناني.

وإذا كانت بعض ملفات الفساد قد فُتِحت الآن تحت وطأة ضغط الشارع وأحيلت الى القضاء، فإن غالبية اللبنانيين كانوا على ثقة، أن مكافحة الفساد بدأ العمل عليها منذ بداية عهد الرئيس عون، وباتوا أكثر ثقة بنتائجها عندما أعلن سماحة السيد حسن نصرالله، قبل وخلال وبعد الإنتخابات النيابية الماضية، أن حزب الله قد شكَّل لجنة خاصة بمكافحة الفساد، بإشراف شخصي من أمين عام حزب الله وبرئاسة النائب حسن فضل الله، الذي قام بواجبه في إعداد الملفات وأودعها لدى القضاء المُختص، دون تسمية الملفات والأشخاص، تجنباً لإستخدامها من طرف بعض الإعلام مواداً للتشهير المجاني واستباق التحقيقات، علماً بأن سماحة السيد، وفي كل إطلالة له، كان يُطالِب بوجوب اعتماد الشفافية مع الناس، وإظهارالقوى السياسية جدية أكثر في إدارة الشأن العام، وبآليات أجدى وأنجع لدى القضاء تفادياً لوصول غضب الناس الى حدود الإنفجار من الوضع الخانق.

أما وقد إنفجر غضب الناس تظاهرات واعتصمات، فإن المطلوب عدم استخدام الموجوعين مادة لتسييس الحراك و”تدويل” الأزمة، خاصة أن حراكهم قد حقق وسوف يُحقق غاياته، بصرف النظر عن الوضع الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، وبياناً وزارياً كَتَبت الصرخات الشعبية كل حرفٍ منه، والمطلوب أيضاً إعطاء القضاء الوقت الكافي للتحقيق والتدقيق، ليس فقط في حجم الأموال المهدورة بل في الآليات التي اعتُمدَت في الصرف المُخالف للأصول كما أورد النائب فضل الله منذ أشهر على قناة الميادين.

وقال فضل الله في مقابلته: “حزب الله ماضٍ في مكافحة الفساد، والمبالغ المفقودة بالمليارات في الخزينة العامة، وسوف نلاحق الملف حتى خواتيمه، وأن المبالغ المهدورة تتجاوز بكثير رقم الـ 11 مليار دولار المُعلن عنها، وملاحقة ذلك الهدر ستكون بوتيرة عالية حتى يحصل اللبنانيون على أجوبة شافية، ومن ثم يستعيدون أموالهم التي سُرِقت خلال سنوات طويلة”.

نعم، منذ أشهر، كشف النائب فضل الله ما توصَّلت اليه اللجنة المُكلَّفة من حزب الله بمكافحة الفساد، إستناداً الى الملف الكامل المُتكامل الذي تمّ إنجازه وإيداعه لدى القضاء لاحقاً، ولو بدأ القضاء عمله مباشرة لكُنَّا الآن بغنى عن حراك الموجوعين، واستغلال بعض عملاء الخارج لصرخات الناس.

إن المال المهدور كما أورد النائب فضل الله يصِل الى 36 مليار دولار، وأن “موضوع القيود المحاسبية بدأ بالظهور عام 2010، وتبيّن من ضمن ورشة العمل، أن الحوالات كانت تقيّد ثم تُلغى ثم يعاد قيدها، وهذا يعني أن أموالا كثيرة ضاعت، وأن هناك آلاف الأخطاء في القيود تتظهَّر عند التدقيق في المستندات والوثائق لدى وزارة المال، وبتسجيل المستندات وإلغائها يتبين الهدر، وهناك مئات آلاف الأخطاء في القيود خلال أعوام، وهناك مليارات في حسابات الدولة المالية لم يُعرف أين وكيف صُرفت، وأن الكثير من الهبات سُجِّلت في الهيئة العليا للإغاثة ووحده رئيس الحكومة من يستطيع التصرف بها، بينما يجب أن تُسجَّل في المصرف المركزي لأنها تحتاج إلى أكثر من موافقة لتمريرها”.

وحيث أن ملفَّات الفساد باتت تتوالى الى القضاء، وبانتظار ظهور أسماء النواطير ومحاسبتهم وفق الآلية القانونية، فإن الدولة مُطالبة الآن بإقرار قوانين صرف جديدة ضماناً لإستقامة إدارة المال العام، على أمل عدم استباق الأحكام وترك القضاء يقوم بواجباته في إستعادة “العِنب” المنهوب ومحاسبة “الناطور”…

المصدر: موقع المنار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى