الثورة الإسلامية الإيرانية في عيدها الأربعين تقدّمت وتستطيع إن أرادت
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
سنّ الأربعين بحسب الدراسات التاريخية لتطوّر وتمكّن العقل البشريّ يسمّى سنّ الاستقرار والحكمة، وكذا في تقاليدنا وتاريخنا وتجاربنا..
فالثورة الاسلامية بلغت سن الحكمة وقادرة على تجديد فتوّتها وشبابها بعزيمة اكبر وبمعرفة ووعي وبعد ان خاضت الاربعين سنة بصلابة وتصميم ونجحت في تحقيق الكثير مما هدفت اليه…
اعلن السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة ارقاما كثيرة عما بلغته ايران، وعن الفارق النوعي بين ما كانته أيام الشاه وما أصبحت عليه اليوم، وفي كل الاحصاءات تحتلّ مرتبةً متقدمةً بين أمم وشعوب العالم في العلوم ومشتقّاتها والصناعات العسكرية والانتاج، فالارقام وكلام السيد حسن نصر الله شهادة شاهدٍ صادقٍ وعارفٍ بالأمور وتفاصيلها…
إيران في سنّ الأربعين عرضةٌ لهجماتٍ شرسةٍ ليست كسوابقها بل أكثر عدوانيةً وهمجية، وتقع على عكس الكثير من القضايا والمسائل في قلب اتفاق الدولة العميقة في أمريكا ويتفق على إسقاطها أو إخضاعها واحتوائها العقل الامريكي الكليّ ومن كلّ اللوبيات لأسبابٍ لا تعدّ ولا تحصى والأهمّ بينها أنّها صمدت حتى بلغت الاربعين وتتقدم، وتتشكل نموذجاً قاطراً لشعوب وأمم الاقليم والعالم وقد أثبتت أنّ الشعوب قادرةٌ برغم المحن والاعتداءات وتستطيع، ولو اتحد العالم ضدها وحاول، كما جرى مع الثورة الاسلامية الايرانية وحلف المقاومة طيلة أربعة عقودٍ عجافٍ من العدوان المركّز بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفرّد العنجهية الامريكية العدوانية على العالم…
إيران وهي تحتفل وتستعرض قوّتها وإنجازاتها وبعضها خارقٌ ولم يكن أحدٌ يتوقّع أن تبلغه وبإمكاناتها الذاتيّة وتحت الحصار، تواجهها أزماتٌ وتحدياتٌ لا تقلّ عمّا سبق وكمثلها تواجه كلّ أمةٍ وكلّ ثورةٍ بصورةٍ يومية، فالحياة الفردية والجماعية هي بحسب التعريفات كلها معارك متصلةٌ وحربٌ دائمة، وشأن الدول والافراد في عالم الهيمنة العدوانية الامريكية كشأن الغابة: فأضعف الأسود يجب أن يكون أسرع من أقوى الغزلان ليؤمّن عيشه ويبقى حيّاً، وأضعف الغزلان يجب أن يكون أسرع من أقوى الأسود ليبقى حيّاً…
والثورة الإسلامية الايرانية منذ يومها الأول أدركت هذه الحقيقة ورفعت شعاراتها الوطنية السيادية “لا شرقية ولا غربية” كما رفعت شعاراتها الاجتماعية في الآية الكريمة “ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم وارثين” وبربطها شعاري التحرر القومي والاستقلال بشعار المستضعفين، جمعت حولها الشعب، وأيّدها الله عزّ وجل ومن آيات كتابه العزيز “ما لكم لا تجاهدون في سبيل الله والمستضعفين…” وقد ساوى الجهاد في سبيل الله بالجهاد في سبيل المستضعفين…
ومن عزيمتها وعقل قائدها وقادتها وتجارب حركاتها السياسية والوطنية الممتدة على تاريخ طويل، رفع الإمام والقائد شعاراً يصحّ لكلّ الازمنة “قادرون- ونستطيع” وفيه من العزة والكرامة والتصميم والثقة بالشعب والانسان والاصرار على تحقيق الغايات وبالامكانات الوطنية.
بيد أن التحديات اليومية، وتأمين المستلزمات، وتوفير أسباب الحياة اللائقة بلوغاً لتأمين الرفاه للشعوب، وتلبية حاجاتها الروحية والمادية بصفتها غاية الاجتماع البشري تتجدد في كل يوم كتحدٍّ قاسٍ لا بدّ من مجاوزته وتأمين الحاجات والارتقاء بها بصورةٍ دائمة…
وتواجه الجمهورية الاسلامية الايرانية تحدياتٍ وأزماتٍ عميقة ومتشعبة وعنيفة في بعض أوجهها، وفي العادة تواجه الشعوب تحدياتها بإعادة دراسة قادتها المؤسّسين والتاريخيين الذين شقّوا عصا الأزمنة وغيروا في توازناتها وحقّقوا ما كان يعرف بالمستحيل…
استحضار عقل وتجربة ونمط حياة الامام القائد الخميني في أربعين الجمهورية أمرٌ لازمٌ والعودة إلى أفكاره وأنماط حياته وطرائق عيشه وعلاقته بالشعب يمكّن قيادة إيران من تجديد عقدها الاجتماعي وتأمين شعبها والتوثّب إلى الحقب الجديدة، ولتعيش الثورة أربعين بعد أربعين وإلى ما شاء الله..
مبروك لإيران عيدها، ومبروك للمقاومة وحلفها إيرانها، فالمستقبل طوع يد وعقول الرجال السّاعين إلى تحقيقه على ما يرغبون، فما نصنعه اليوم هو المستقبل الآتي… ولإيران شعار “قادرون ونستطيع”.