Featuredمقالات مختارة

معركة الجنوب السوري والضوء الأخضر الأمريكي

بقلم: محمد شادي توتونجي

منذ أن حشد السوري والقوات الحليفة حشدهم تجاه جبهة الجنوب السوري في درعا ظهرت الكثير من الأقاويل عن ضوء أخضر أمريكي وغض طرف من الكيان الصهيوني ومباركة خفية أردنية ، وجاءت هذه الأقاويل من جهتين ، جهة محسوبة على بيئة دول محور المقاومة ومن أناس وطنيين غيورين ، وجهة أخرى تعمدت مثل هذه الأقاويل لعدة أسباب:
1-    أولاً لتظهر أن الجيش السوري وحلفاءه لم يكن بإمكانهم أن يقوموا بمثل هذه العملية بدون ضوء أخضر أمريكي لأنهم يخشون مواجهة القوات الأمريكية التي تدعم هذه المجاميع الإرهابية علناً.
2-    محاولة حجب وهج الانتصار الذي رأوه محققاً حتماً نتيجة الحشود والقرار الحاسم لدى الجيش العربي السوري وحلفائه بتحرير كل المنطقة الجنوبية وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي و استعادة الدولة السورية السيادة على كامل أراضيها.
3-    التلميح إلى وجود اتفاق روسي أمريكي يفضي إلى خروج حزب الله والمستشارين الإيرانين بعد هذه العملية بحجة أن الجيش العربي السوري قد استعاد السيطرة و السيادة على تلك المناطق ولم يعد لوجود القوات الحليفة من داع ، في محاولة يائسة بائسة وبإصرار على خلق و تظهير نوع من الخلافات بين القوات الحليفة في سورية وخصوصاً بين إيران وروسيا ، وذلك من أجل إرضاء الكيان الصهيوني و إظهار أن حكومة الكيان المهزومة قد حققت انتصاراً كبيراً بفرض شروطها بإبعاد حزب الله و المستشارين الإيرانيين عن الحدود المتاخمة للأراضي المحتلة.
هنا كان لا بد من التوضيحات الآتية:
أولاً : بمناسبة الضوء الأخضر الأمريكي فإن أبسط إنسان أصبح يدرك جيداً أن القوات الأمريكية الموجودة بشكل غير شرعي في سورية تدرك جيداً وبدون أي أوهام أن أي تورط جزئي أو غير جزئي أو محدود أو أي من هذه المسميات ، تستطيع أمريكا ومن خلفها أن تقوم به ولكن لا تستطيع أن تعرف كيف ومتى وبأي شكل ينتهي ، وهي التي تلقت رسالة بسيطة في قاعدة التنف التي تقيم بها القوات المحتلة الأمريكية ومجاميعها الإرهابية منذ أيام قليلة والتي اعترف بها مصدر عسكري أمريكي ، وتعرف أمريكا جيداً أن هذه العملية هي نموذج مصغر عما قد يجري في أماكن تواجد القوات الأمريكية المحتلة وحلفائها في كل مناطق تواجدها على الأراضي السورية ، وكذلك فإن العمليات المستمرة في البادية السورية للجيش العربي السوري وحلفائه والتي تمكنوا من خلالها مؤخراً من تطهير مساحات شاسعة من منطقة T2 وصولاً إلى الحدود العراقية و رفع العلم السوري على معبر الهجانة على تلك الحدود ، ما هي إلا تحطيم لكل الخيارات والأوهام الأمريكية بفصل الجبهات ، كما أنها ضيقت الحصار على التواجد العسكري الأمريكي في التنف وقطعت خطوط تواصله مع ما تبقى من مجاميعه الإرهابية في الشمال السوري ،وهو ما يفسر تماماً ما نشرته إحدى الصحف الغربية من تصريح لأحد قادة المجاميع الإرهابية الذي قال أن الإدارة الأمريكية أبلغت تلك المجاميع في جبهة الجنوب السوري أنها لن تتدخل في معركة الجنوب للدفاع عنهم وبأنه يتوجب عليهم أن يتصرفوا منفردين ، وهنا نعود لبداية النقطة الأولى وهو بأن ما حاولت تلك المجاميع من القول عنه بأنه ضوء أخضر أمريكي للجيش السوري وحلفائه ما هو إلا تخلي معتاد من أمريكا عن عملائها عندما تدرك أنهم مهزومون لا محالة وبأنهم أصبحوا عبئاً عليها ، بل نستطيع القول جازمين بأنه ضوء أحمر أشعله الجيش العربي السوري والقوات الحليفة في وجه الأمريكان وحلفهم في المنطقة ، والتصريح الأمريكي الأخير ما هو إلا خنوع وخضوع أمريكي لوقائع الأرض والميدان
ثانياً : بالنسبة لغض الطرف الصهيوني عما يجري و امتناعه عن التدخل في هذه المعركة فليس الأمس ببعيد ومازالت كوابيس صفارات الإنذار التي دوت في المستعمرات في الجولان المحتل وفي شمال فلسطين والأهداف العسكرية التي استهدفتها صورايخ الجيش العربي السوري تدوي في آذان جنود جيش الإحتلال الصهيوني وقادته ، ومازالت ذكرى مشاهد الاختباء في الملاجئ تقض مضاجع سكان المستوطنات المحتلة ، إضافة إلى حادثة إسقاط مفخرة جيش كيان الاحتلال الإسرائيلي  طائرة F16 بواسطة أنظمة الدفاع الجوي السوري التي يمتلكها الجيش العربي السوري منذ أيام حرب تشرين التحريرية  والتي تم تطويرها وإعادة تفعيلها عبر طواقم وخبرات سورية ، بالرغم من كل محاولات عملاء الكيان الصهيوني من استهدافها و استهداف منظومة رادارات الدفاع الجوي السورية التي كانت متواجدة في المنطقة الجنوبية و التي كانت معدةً خصيصاً كخط دفاع أول في مواجهة سلاح جو العدو الصيهوني ، وبالتالي فإن ما يحدث ليس غض طرف من قبل الكيان الصهيوني و إنما هو إنجازات لقوات حلف المقاومة أعمت بصر الكيان الصهيوني ، وما هي إلا جزءُ بسيط لهذا الكيان من مفاجآت أكبر ستعمي بصره بشكل نهائي و ذلك ما أشار إليه الرئيس الأسد في إحدى تصريحاته.
ثالثاً : بالنسبة للكيان الأردني الذي كان من أهم المنصات في الحرب السورية ، من حيث استضافته لغرفة الموك التي ضمت ممثلين عن كل دول العدوان على سورية وكذلك لفتحه معسكرات لتدريب الإرهابيين على أرضه سواء أكان يقوم بذلك راضياً أم صاغراً تحت وطئة الضغوط من قبل أمريكا وحلفها ، فإنه يتوجب عليه أن يكون أكثر الأطراف سعادة بهذه العملية الحاسمة للجيش العربي السوري وحلفائه ، لأنه المستفيد اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً واجتماعياً وسوف يتخلص من خلال هذه العملية من البؤر الإرهابية التي تقيم على أراضيه و حدوده الشمالية و التي بدأت منذ مدة بالتسرب إلى داخل كيانه و باتت تعبث بأمنه بشكل كبير وتهدده وجودياً أيضاً ، حيث أن نجاح هذه العملية سوف تسقط آخر أوراق بني سعود الضاغطة على الكيان الأردني وحكمه ، وستعيد للأردن بعض دوره في المنطقة والذي يحاول كيان بني سعود من سحبه من الأردن والقضاء عليها سياسياً بشكل نهائي بعد ما سمي بـ ” صفقة القرن”.
وبالختام فإننا نقول لكل الواهمين أو المغرر بهم ولصديقنا قبل العدو إن ما يحدث في جبهة الجنوب السوري من قرارٍ بالحسم هو قرار سوري سيادي وطني صرف يؤيده الحلفاء بدون تردد ، وعلى الجميع أن يدرك ويفهم و يتذكر بأن الجيش العربي السوري عندما يتخذ قراره بالحسم فهو قرارٌ نهائي لا رجعة عنه ، والشواهد كثيرة وقريبة أخرها في ضواحي العاصمة السورية دمشق وغوطتها ، وقبلها حلب وتدمر ودير الزور والبوكمال والقلمون وأرياف حمص وحماة واللاذقية ، ولن نتوقف حتى تحرير آخر ذرة تراب سورية ، شاء من شاء وأبى من أبى ، وإن نهار تحرير إدلب وما تبقى من الشمال السوري بقريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى