شبح الانهيار الاقتصادي في لبنان… هل من مخرج؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
كثر الكلام والتحليلات والتحذيرات من خطر الإفلاس الماليّ والاقتصاديّ في لبنان بعد أن أفلست الطبقة السياسية والنظام وبات الكيان بذاته وبأبديّته في حالة فراغ وافتقاد الدور والوظيفة، الأمر الذي لم تصدّقه الطبقة السياسية ولم تحاول معالجته أو احتواء مؤشرات الأزمة، أو كانت هي أكثر العارفين بحقيقة الأزمة وعمقها وعنفها وبأنها السبب الوحيد لا غير، وتصرّ ألّا تحاول إخراج البلاد من شبح الإفلاس ولكلٍّ من أطيافها أسبابه ودوافعه… فبعضها لا يعرف إلّا كيف ينهب ويشيع الفساد ويجمع الثروة من البقرة الحلوب “الدولة اللبنانية” ما دام المواطنون قد فطموا أنفسهم باكراً بحافزية الانتساب الطائفي والمذهبي والزعاماتية وبقرار أن يكفّوا عن مطالبة الدولة بوظائفها ودورها وخدماتها وترك كلّ مكاسبها ومغانمها للزعماء، فجوع الشعب يصبّ مليارات الدولارات في خزائن الزعماء وأحزابهم وعائلاتهم …
فلكلّ شيءٍ نهايةٌ، وقدرة البقرة على أن تدرّ الحليب تنقطع في وقت الجدب والجفاف، وقد جفّ ضرعها ولم يعد لها من يؤمّنها أو يقدّم الديون أو الهبات والودائع وتحويلات المغتربين، وغسيل الأموال أو استقطاب أموال الفساد أو الحروب أو النظم السابقة من البيئة العربية أيضا انتفت أسبابها وانتهت فرصها…
الطبقة السياسية اللبنانية النهمة وغير المبالية بما ستصبح عليه الأمور يبدو أنّها درست في ذات مدرسة ترامب وتطابق توصيفه عن مشيخات الخليج للدولة اللبنانية وشعبها، وتعمل بنصيحته عندما يجفّ الضرع تذبح البقرة ويؤكل لحمها… يقولها ترامب عن دولة غير دولته وعن مشيخاتٍ كل وجودهم مرهونٌ بإسناد أمريكا لهم، وأمريكا شاخت ولم تعد قادرةً على الإسناد وكلّ ما تفعله هو محاولة سحب ما تستطيع من الأموال، ولا يخفي ترامب شحذ سواطيره لذبح المشيخات ونهب كلّ وآخر ما لها حتى في الاقتصاد العالمي من استثمارات، أما الطبقة السياسية في لبنان فيبدو أنّها قررت أن تأكل عظم ولحم الدولة اللبنانية واللبنانيين إن توفرت لها السبل .
الأزمة على عتبة الانفجار، والمؤشرات عمليةٌ معاشةٌ وليست نظريةً أو احتمالية، فالإجراءات التي تعتمدها المصارف بمعرفةٍ وبتعميمٍ من مصرف لبنان في تقنين عرض الدولار وإلزام الزبائن بعدم سحب دولاراتهم حتى من ماكينات الصرافة التي لم تعد تقدّم الأوراق الدولارية لمن له حساباتٌ بالدولار إنّما تفرض عليه أن يسحب من العملة اللبنانية وتمنع المصارف عن تمويل اعتمادات الشركات لتأمين الحاجات من الدواء والنفط والغذاء، وإلزام التجار بتأمين الدولارات من السوق، والسوق بات شحيحاً وهذا أمرٌ منطقيّ، فالسوق مهما بلغت مدخراتها لا يمكنها أن تؤمّن عشرات مليارات الدولارات لتأمين الواردات التي تزيد عن 18 مليار دولار وتأمين المصرف المركزي لدفع فوائد الديون وتسديدها عند استحقاقاتها، ولأن تجارب الدول التي أفلست وانهارت كمثل أزمة النمور الآسيوية وروسيا واليونان وأمريكا اللاتينية قد اعتمدت ذات الاجراءات، يمكن القول بناءً على المقارنة إنّ الأزمة وصلت إلى العتبة وإنّ مؤشراتٍ كثيرةً تتقاطر عن أنّ الطبقة السياسية فرّطت بالزمن وبالإمكانيات ولم تبالي أو هي أصلاً راغبةٌ في الوصول إلى الانهيار..
وربما الانهيار الاقتصادي مطلبٌ واستراتيجيةٌ أمريكيةٌ للضغط على المقاومة وجمهورها بقصد كسرها في الداخل وبالجوع والحاجة بعد أن عجزت كلّ قوى الأرض عن كسرها بالسياسة أو بالعسكرة والحروب…
لبنان بشعبه وبنظامه وبكيانه وبمستقبل أجياله في خطر، والخطر يقترب كثيرا من المقاومة وسلاحها فهل تعدم وسائل التصرف وقلب الهرم وإيقافه على القاعدة بدل أن تترك الطبقة السياسية تقلبه على رأسه… الوقت يضيق ولم يعد من بدٍّ للتصرّف فماذا تملك المقاومة من وسائط ووسائل وطرق؟