في السياق نفسه لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
في السياق نفسه لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، شهدت قاعة المحاضرات بنادي المحامين يوم السبت(18/12/2021)، أشغال اللقاء الوطني الرابع حول القضية الفلسطينية، بدعوة من المنسق العام للتجمع العالمي لدعم خيار المقاومة/بالمغرب، تحت عنوان (وفاء للقضية وتضامنا مع الأسير)، وذلك على الرغم من القيود المشددة نتيجة الإجراءات التدابير والإجراءات وفي مقدمتها الإجراءات الصحية.
حضر اللقاء لفيف من النشطاء والفاعلين السياسيين والباحثين، كما تمّ تأطيرها من قبل كلّ من:
ادريس هاني كمنسق عام للتجمع العالمي لدعم خيار المقاومة-المغرب
علي بوطوالة كأمين عام لحزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي
محمد لومة باحث في تاريخ الحركة الوطنية وجيش التحرير
عمر الزيدي كرئيس جمعية عمل المواطنة والأيكولوجيا
هشام الشرقاوي كمنسق إقليمي للشبكة الأفريقية من أجل العدالة الجنائية الدولية
عبد الحفيظ أولعلو كنائب لرئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني
سعى المتدخلون لتقديم رؤية حول مستجدات القضية الفلسطينية، كما كانت رغبة المتدخلين عدم تكرار أنفسهم في هذا اللقاء، ومحاولة البحث عن مقاربات وحلول متجددة.
وقد تناول ادريس هاني في الكلمة الافتتاحية أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمغاربة، مشيرا إلى العمق التاريخي والاجتماعي والسياسي، وكونها أصبحت جزء من المكون الاجتماعي المغربي. وقد أشار إلى المحطّات والعينات، التي تؤرخ لهذه العلاقة ما قبل الانتداب البريطاني، والتي تعود إلى قرون خلت، حيث تناول أمثلة من الرحلات وتبادل الإجازات بين العلماء المغاربة والمقدسيين، وأشار إلى تفاصيل كثيرة موثقة وذات طابع علمي، ليخلص إلى أنّ شرعية الكفاح الفلسطيني تتجاوز أي مصدر من مصادر الشرعية، لا التاريخية، ولا الدينية، ولا السياسية والتعاقدية، فكل هذه مجرد مسند للشرعية وليس منبعها، فمنبعها هو النقيض نفسه، أي الاحتلال، فكلما وجد الاحتلال وجبت المقاومة، كما ذهب أبعد من ذلك ليقول بأنّ شرعية الكفاح الفلسطيني شرعية ذاتية، والذاتي لا يُعلل. كما اعتبر فلسطين مظلومة وهي ليست في نظره إلاّ كذلك مظلومة، ولا يتصوره غير كذلك حتى في صقع الخيال والإمكان، حيث قال: ” اليوم نتدارس مستجدات القضية الفلسطينية، ونحن ندرك أنّنا شريحة ضمن مجتمع بكامله يحتفظ لهذه القضية بوفاء خاصّ، إنّها قضية عادلة، لشعب مظلوم، مظلوم وكفى، حتى أنّنا لا نتصوره في الخيال ولا في صقع الإمكان إلاّ مظلومة”. واعتبر هاني أنّ القول بأنّنا غير معنيين بهذه القضية وليست من أولوياتنا، بأنّ هذا يؤدي إلى انهيار هيكل القيم والمبادئ التي يقوم عليها السلم العالمي معللا ذلك بالعهد الدولي نفسه للحقوق المدنية والسياسية الذي يجعل قضية تقرير المصير بفقراتها الموضحة، قضية تخصّ كل أعضاء الأمم المتحدة. واعتبر بأنّ القضية الفلسطينية هي من سنخ القضية الوطنية. واعتبر التضامن مع الأسرى الفلسطينيين قضية ملحة، لا سيما وهي العنوان الأبرز للكفاح الفلسطيني اليوم.
ثم أعطى المنسق العام للتجمع العالمي بالمغرب الكلمة للأستاذ محمد لومة، الباحث في الحركة الوطنية وجيش التحرير، وأحد الفدائيين السابقين الذين عملوا في معسكرات الجبهة الشعبية، حيث تطرق إلى أولى الانتصارات الديبلوماسية التي حققتها منظمة فتح، متطرقا إلى الخطة التي تناولها الشهيد أبو إياد، والتي بمقتضاها تحققت رغبة الفلسطينيين بأن ينتزعوا اعترافا في إحدى القمم العربية، بأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وتطرق لومة إلى رفيقه مجهول المصير حسب تصريح لجنة الإنصاف والمصالحة، والمسمى السافيني، والذي شكل في نظر لومة ما انتهى إلى نوع من الخصومة بين أبي إياد والفقيه البصري، هذا بينما يعتبر لومة خطة صلاح خلف، مؤشر على أنه رجل دولة بامتياز.
تناول بعد ذلك الأستاذ علي بوطوالة الكلمة، وهو الأمين العام لحزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي وممثلا للجبهة العربية التّقدّمية، والذي قدم مقاربة متكاملة، بسط فيها السياق الجيوسياسي الدولي والإقليمي، والذي شكل عاملا ضاغطا للدخول في خيارات سياسية خاطئة ومنزلق التطبيع الذي يشكّل خطرا على المنطقة، وسيؤدي إلى مزيد من المشاكل بما فيها تهديد الدول العربية. وعالجت مداخلة بوطوالة الأسباب الحقيقية التي نتجت عنها سائر التخوفات، كما اعتبر أن لا مخرج سوى جعل القضية الفلسطينية في مركز الصراع واستعادة مفهوم النهضة العربية. وتعرض بوطوالة لقضية الأسرى الفلسطينيين، وعن جملة التدابير التي تم تناولها في ملتقيات عديدة حول الأسرى، لتحريك ملف الأسير الفلسطيني.
في السياق نفسه تناولت ورقة الأستاذ عمر الزايدي، المناضل والباحث في القضية الفلسطينية والإيكولوجيا، بضرورة البحث عن آليات جديدة لتطوير العمل الفلسطيني، وقد استعرض مراحل التحول في القضية الفلسطينية ابتداء من أيلول الأسود ومرورا باحتلال لبنان ووصولا إلى أسولو. وأوضح بأنّ ما نعيشه اليوم ليس جديدا، بل هو مخرجات أوسلو نفسها، وبأنّ المنطقة ستتعرض لموجات تطبيع جديدة. وهو يؤكد بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تترك الشرق الأوسط، موضّحا بأنّ هناك إعادة تموضع كما حصل في سوريا التي تتعرض لعدوان إسرائيلي، كما اعتبر خروجها من أفغانستان حدث باتفاق مع طالبان لإعادة انتعاش داعش مجددا في المنطقة. وأشار الزايدي إلى تناقضات السياسات العربية ودورها أيضا في التأثير السلبي على الوضع الفلسطيني، مشيرا إلى خطورة التطبيع لا سيما التطبيع الاجتماعي. وتطرق الزايدي إلى أنّ لبنان في هذا السياق على حافة الانهيار، معتمدا على إحدى المقاربات التي تتحدث عن المراحل الخمس للانهيار، ومنها انهيار المالية وفقد المواطنين للثقة في البنوك، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي والسياسي.
وتناول بعده الكلمة د. عبد الحفيظ أولعلو نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، والتي دارت حول مركزية القضية الفلسطينية، وبأنّ هذه المركزية لا زالت قائمة، يؤكد على ذلك أنّ أي أزمة تقع في غزة أو القدس تؤثر على العالم، فنجد احتجاجات حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كما نجد لها صدى حتى داخل الكونغرس الأمريكي، وهو ما يؤكد على أهمية القضية ومركزيتها. وتناول بدوره قضية الأسرى، والمستوطنات، كما ثمن كل فعل تضامني مع القضية الفلسطينية. وأكد على عدد من الإنجازات، ومنها أنّ في إحدى الملتقيات الدولية حين كان النقاش حول فلسطين يؤكد على كونها قضية لاجئين فحسب، كان حزب التقدم والاشتراكية من بين من صوتوا أنها قضية تحرر وطني. واعتبر أنّ القضية المذكورة وجب مقاربتها في سياق جيوستراتيجي كقضية تحرر وطني.
وتناول د. هشام الشرقاوي القضية من زاوية القانون الدولي، حيث أكد على عدد من النقاط القانونية المهملة من قبل المشتغلين على القضية الفلسطينية، لا سيما في محكمة لاهاي، وعدم تفعيل بعض البنود التي لا زالت غير مفعلة، في سبيل تجريم الاحتلال، ومنها السور العازل. وقد أشار إلى أنّ الغرب يدعم الاحتلال، لكن المجتمع المدني الغربي مناهض للاحتلال، والدليل على ذلك، أنّ المسؤولين في الكيان المحتل يضربون ألف حساب لزيارة الدول الأوربية، نظرا لوجود مذكرات اعتقال. وأشار إلى خطورة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصبحت المنطقة الأكثر أمنا لتنقل المسؤولين في الكيان المحتل، نظرا لغياب تفعيل قوانين التجريم تلك. كما اقترح على التجمع العالمي والجبهة التقدمية وكل العاملين في مجال القضية الفلسطينية أن يلتفتوا إلى تلك التفاصيل التي تطرقت إليها ورقته بشكل تفصيلي.
وفي الختام، تقدم المتدخلون بالشكر للجهة المنظمة، كما اتفقوا على صعوبة الأوضاع التي تمر منها القضية الفلسطينية، واتفقوا أيضا على ضرورة تطوير آليات التضامن مع القضية الفلسطينية، مؤكدين على مركزيتها ومشروعية الكفاح والمقاومة الفلسطينية، ومخاطر سياسة التطبيع، حيث اعتبروها على الرغم من خطورتها ليس لها أفق، كما اتفقوا على أنّ القضية الفلسطينية كما كانت حاضرة في الوجدان المغربي ستظل كذلك، وهي ترقى إلى مرتبة القضية الوطنية.