حرب الخليج الثالثة جارية، فهل تستعر نيرانها وتتحول إلى عالمية؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
جهةٌ على درجةٍ عاليةٍ من الذكاء والتقانة والخبث، اصطادت في مياه الخليج التي عكّرتها الحشود الامريكية والتصريحات الحربية، ولم تطفئ جمرتها المبادرات السلامية والتفاوضية التي عرضها ترامب وترفضها إيران جملةً وتفصيلاً فأمريكا وترامب كاذبون ولا يؤمَنون جانباً، والمطلوب تغيير مسلك أمريكا أولاً، وفي بعض العقل الإيرانيّ أنّ الافضل تغيير رأس أمريكا في البيت الأبيض من بوابة الصراع معها، فهذه إن حصلت تعطي إيران دوراً متعاظماً ولا منة لترامب بالاعتراف بها أمّةً ودولةً عظيمةً بقيادتها الحالية، وتصبح إيران شريكاً لروسيا في تقرير من يجلس في كرسي البيت الابيض.
جهةٌ تملك أدواتٍ وقدراتٍ، وتجيد الاصطياد بالمياه العكرة، وتتقن اللعب على التناقضات والضرب في المساحات والزمن القاتل، فتفجير ناقلات نفطٍ محمّلةٍ، واحدةٌ منها يابانيةٌ والثانية يقودها بحارةٌ روس، وفي زمن زيارة رئيس الوزراء الياباني لطهران كوسيطٍ بين ترامب والقيادة الإيرانية وكشريكٍ اقتصاديٍّ لإيران ومن أكبر مستوردي النفط الإيراني، أمرٌ بالغ الأهمية والخطورة والدّلالات، وأيضاً يشير بأصبع الاتهام بلا مواربةٍ عن الجهة أو الجهات صاحبة المصلحة في تخريب الوساطات بالنار والحرائق النفطية، لتوريط ترامب بالدخول في حرب مع الإيراني والتي ستكشف عن هامشيته وصبيانيّاته العنترية بإزاء إيران.
حزب الحرب يمتدّ من دولة الأمن القوميّ ولوبي العولمة الأمريكي إلى نتنياهو والمحمّدين في السعودية والامارات، وكلّهم أصحاب مصلحة في توريط ترامب بالحرب، وبنيّتهم أن تكون “إسرائيل” والسعودية والامارات خارج التأثيرات العملية على عكس ما هدّد به السيد حسن نصر الله بقوله إنّ الحرب إن وقعت فستتسبب بإزالة “إسرائيل” وآل سعود وبالطريق حكماً حكام الخليج من نواطير آبار النفط.
في واقع الحال الحرب قائمة ومنذ زمن طويل، فحرب الخليج الاولى أمريكية خليجية بوسائط صدّامية، وحروب المقاومة في لبنان وفلسطين هي حروب أمريكية – إيرانية عربية بلا مواربة، والحرب في العراق وأفغانستان وفي سوريا واليمن وامتداداتها هي حروب بالوساطة وبالساحات الرديفة.
هل بلغ السيل الزبى وبات الامر يفترض حرب جبهات مباشرة؟
إنّ الزمن – زمن أمريكا ونفوذها وأدواتها – ينحسر بسرعة البرق، ففي سوريا تجري عملية تصفية الارهاب في إدلب والنفوذ الأمريكي في شرق الفرات وقد فتحت اوتوسترادات الحدود السورية العراقية على كل المصاريع، ونجح أنصار الله باستنزاف السعودية والامارات في اليمن وانتقلوا الى الهجومية الاستراتيجية، وباتت مطارات ومضخات النفط السعودي وكل الاهداف العسكرية والاقتصادية في مرمى سلاح الجو المسيّر، وما لا تستطيعه الطائرات تصيبه صواريخ الكروز… وفي فلسطين ومن غزة، طائرات ورقية وصواريخ دقيقة وطائرات مسيرة وابتزاز نتنياهو في الانتخابات جارٍ على قدمٍ وساق، ولن يعود الى حكومة تل أبيب فيفقد بذلك ترامب أحد أهم أركانه في الحرب الجارية في إدارة واشنطن وربما فرصته في تجديد ولايته.
باختصار: يمكن الجزم بأنّ الحرب جاريةٌ وتشتدّ نيرانها، وقد تتصاعد ألسنة لهيبها، والزمن قاصمٌ سيقرّر ما الذي سيكون بعدها، فتفجير الناقلتين من شأنه إمّا أن يدفع عجلة الحرب سريعاً ولو على شاكلة عملية هوليوودية كما جرى في سوريا وفي قصف “الشعيرات” عملية تنفيس احتقانات أمريكا وحزبها للحرب وتختبر صلابة وقدرات إيران العسكرية لا سيما سلاح الدفاع الجوي، ومن غير المستبعد أن تصبح زيتا على نار ملتهبة فتسعّرها، لأنّ العملية حتى لو صممت هوليووديةً ضدّ إيران، وإيران في تحفّزٍ وجاهزيةٍ، وهي دولة عظيمة باعتراف ترامب، لن تقبلها، وستردّ في أكثر من مكان على أي عدوان.
المفترق خطير، ونواقيس التحولات الكبرى تدقّ في الاقليم والعالم، فالاشتباك ينهي أمريكا ونفوذها وأدواتها، وعدم الاشتباك أو الاشتباك المسرحيّ يستعجل رحيلها، وتحولات الاقليم على مسطرة حلف المقاومة.